التهديدات السيبرانية تتزايد تعقيداً، ما يدفع الشركات لاستثمارات ضخمة بمجال الحماية لتعزيز أمان بياناتها واستمراريتها.
ومع استمرار التحول الرقمي الذي يشهده العالم، أصبحت الشركات أكثر عرضة للهجمات السيبرانية التي تتزايد تعقيداً يوماً بعد يوم. وفقاً لتقرير نشرته منصة “Cybersecurity Ventures”، من المتوقع أن تتجاوز تكاليف الجريمة السيبرانية عالمياً 10.5 تريليونات دولار سنوياً في حلول عام 2025، مقارنة بـ 3 تريليونات دولار فقط في عام 2015.
هذه الأرقام تعكس مدى تصاعد التهديدات الرقمية وتأثيراتها الاقتصادية.
توقعت شركة “Gartner” أن تصل نفقات الأمن السيبراني على مستوى العالم إلى 212 مليار دولار في عام 2025، مسجلة زيادة قدرها 15% عن عام 2024. وتتوزع هذه النفقات على الخدمات الأمنية والبرمجيات وأمن الشبكات. يُتوقع أن ترتفع الإنفاقات على الخدمات الأمنية إلى أكثر من 86 مليار دولار، بزيادة نسبتها 15.6%. أما البرمجيات الأمنية فمن المتوقع أن تصل النفقات عليها إلى 101 مليار دولار، بزيادة قدرها 15%. بينما يُرجح أن تبلغ قيمة الإنفاق على أمن الشبكات نحو 25 مليار دولار، مع زيادة نسبتها 13%.
أوضحت الدراسات أن هناك عوامل رئيسية عدّة تؤدي إلى تصاعد الإنفاق على الأمن السيبراني. من أبرز هذه العوامل زيادة تعقيد الهجمات السيبرانية مع تزايد وتيرتها، ما يجعل من الضروري تعزيز البنية التحتية الأمنية للشركات. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحول نحو التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المختلفة في العمليات التشغيلية، يتطلب مزيداً من الإجراءات الأمنية لحماية البيانات. كما أن النمو المتزايد في اعتماد الخدمات السحابية يزيد من أهمية الاستثمار في تقنيات حماية البيانات السحابية. وأخيراً، فإن نقص المهارات البشرية المؤهلة في الأمن السيبراني يؤدي إلى اعتماد الشركات بشكل متزايد على حلول وخدمات خارجية لتعويض هذا النقص.
يشكل ارتفاع تكاليف الأمن السيبراني تحدياً كبيراً للشركات، خاصةً ذات الموارد المحدودة. ومع ذلك، فإن هذه الاستثمارات تُعدّ ضرورية لتجنب الخسائر الكبيرة الناتجة عن الهجمات السيبرانية، مثل فقدان البيانات الحساسة الذي قد يؤدي إلى تداعيات مالية وقانونية، وتعطل العمليات الذي يُسبب توقف الأعمال وخسائر اقتصادية فادحة، بالإضافة إلى التأثير السلبي على السمعة الذي يمكن أن يؤثر على ثقة العملاء والشركاء.
في ضوء ذلك، أوصت الدراسات بضرورة تبني الشركات استراتيجيات متكاملة تشمل تعزيز تدريب الموظفين على الأمن السيبراني، والاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للكشف المبكر عن التهديدات، والاعتماد على الشراكات مع مزودي خدمات الأمن السيبراني. هذه الجهود مجتمعة يمكن أن تُسهم في تقليل المخاطر وتحسين قدرة الشركات على مواجهة التهديدات المتزايدة.
مع تزايد تعقيد التهديدات الرقمية في عام 2025، يبدو أن الاستثمار في الأمن السيبراني أصبح ضرورة وليس خياراً. تشير التوقعات إلى أن تكاليف الحماية ستستمر في الارتفاع، ما يتطلب من الشركات اتباع استراتيجيات استباقية للتصدي للهجمات وضمان استمرارية الأعمال وحماية أصولها الرقمية. المصادر تؤكد أن الجهود المبذولة الآن ستحدد مدى قدرة الشركات على الصمود في وجه التهديدات المستقبلية.