“تجذب الهواتف الذكية انتباهنا بمهارة بعيداً عن أي شيء، وتشتتنا بالكامل. انظر! هناك ضوء يومض، حالة طارئة على كوكب العقل! إذا كانت هناك رسالة جديدة، لا نستطيع مقاومة تفقدها. وهذا هو رد فعل السعي للمتعة. فالرسالة تعطينا مكانة، وتزيد من غرورنا بأنفسنا، شخص ما يحبني! رسالة واردة! يجب أن أراها!”.
هذا بعض مما جاء في كتاب “مصيدة التشتت الرقمي: كيف تركز في فوضى العالم الرقمي”The DISTRACTION TRAP: How to focus in a digital world الصادر عن عام 2017 للكاتبة “فرانسيس بووث”FRANCES BOOTH التي تعرض فيه لمشكلة التشتت الرقمي وتوضح خطرها وتناقش الكثير من المسائل ذات الصلة مثل إدمان الإنترنت والرنين الوهمي وحالة الطوارئ في كوكب العقل وغيرها.
إنّ هذا الكتاب الذي وقع بين يدي في عطلة نهاية الأسبوع وكأنه جاء في وقته لشخص تبدو ساعاته مبعثرة بين مسارات وممارسات تسيطر على جزء كبير منها مواقع وبرامج التواصل الرقمي والمرئي الممتدة ما بين البريد الإلكتروني، ورسائل الواتساب، ومتابعة تويتر والتنقل من موقع إلى آخر..
الجميل في الكتاب أنه يخاطب العقل قبل القلب، والمؤلفة تدعم موقفها ورأيها بدراسات علمية وتميل إلى تشبيه إدمان الإنترنت باضطرابات السيطرة على الدوافع، وإدمان المخدرات والوسواس القهري. وتقدم حلولا للتركيز والقدرة على التحكم بالتقنية عموما، وبمواقع التواصل والبريد الإلكتروني على وجه الخصوص.
ومن النصائح الجميلة الواردة في الكتاب:
لا تحاول إطفاء كل أجهزتك الرقمية لساعات بشكل مفاجئ إذا كنتَ تعتمد عليها بشكل كبير؛ حيث أنه من المرجح أن تعاني أعراض انتكاسة إذا ما فعلت ذلك.
تجنب بكل الطرق الممكنة، التشتت الرقمي خلال الفترات التي تكون فيها معدلات قدرتك الإنتاجية في أقصاها؛ حيث أنها أوقات ثمينة من اليوم يمكنك أن تكّرس فيها طاقات هائلة للقيام بإنجاز سريع للمهام التي تحتاج إلى التركيز.
إنّ القيام بعدة أمور في الوقت نفسه خدعة نمارسها على أنفسنا، ونعتقد بأننا ننجز المزيد من الأمور؛ ولكن في حقيقة الأمر، تنخفض إنتاجيتنا بنسبة 40% وتُظهر بعض التقديرات أننا نخسر حوالي 75% من المعلومات التي اكتسبناها.
نعيش اليوم في عصر المعلومات، والذي لا يعني بالضرورة أن تكون المعلومات في رؤوسنا. بل ذلك يعني أن المعلومات تمر عبر أذننا بسرعة الضوء، ولا يمكننا استيعابها.
الإنترنت هو أكبر مستنزف للوقت تم اختراعه في حياتنا.
إنّ معرفة سبب حاجتك إلى الوقت، تعطيك قوة الإرادة اللازمة لتجعل عقلك يفكر قليلا ليقوم بأمر أكثر أهمية من تصفح الإنترنت بدون هدف.
لا تقتصر الخسارة على وقتنا فحسب؛ حيث ترى بعض التقديرات أن الأشخاص الذين يشتتهم البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية قد يعانون خسارة تقدر بنحو 10 نقاط من معدل ذكائهم، وهذا يساوي خسارة ليلة كاملة من النوم؛ إن حالة الكسل التي لا يحبها معظمنا نختارها بإرادتنا.
إحدى الإشارات التقليدية على التشتت الرقمي هي الشعور بأنك مشغول طوال الوقت، ولذلك تشعر بأنك تحقق أشياء على أساس يومي؛ ولكن عندما تبدأ في جمع الأمور التي أنجزتها خلال السنة المنصرمة، لا تجد أنك أنجزت الكثير خلال عام كامل من الإرهاق.
إنّ تغيير سلوك تشتتك الرقمي قد يمنحك ميزة تنافسية؛ حيث إنه يقلل من مستويات الضغط، ويزيد من الإنتاجية.
وأخيراً في ظل هذا التشتت الرقمي، ينقصنا إشارة مكتوب عليها “توقف” أو تمهل، إشارة تحددّ لنا مسيرنا واتجاهنا الذي نريد؛ فبقوة الإرادة والرغبة يمكن مواجهة هذا التشتت كي لا تتداخل الممرات والطرقات وتجرفنا تيارات الزمن المتسارع…فهل نحن قادرون؟